يقال اللغة وعاء الفكر؛ فالثقافة توصلها اللغة، واللغة وسيلة تعبير عن الثقافة وبينهما علاقة وثيقة. وقد عنيت أمم الأرض قاطبة بلغاتها في القديم والحديث لأنها عامل من عوامل وحدة الشعوب، وسبب من أسباب الحفاظ على هويتها، ولعل اللغة العبرية مثال واضح على ذلك في عصرنا الحديث. ففي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، لما أزمع اليهود على إنشاء وطن لهم في ما يسمونها أرض الميعاد، ظهرت حركة إحياء اللغة العبرية التي ظلت لقرون طويلة قاصرة على أداء الطقوس الدينية في المعابد، وكانت عملية الإحياء هذه أمراً صعباً لضياع كثير من مفردات اللغة مما اضطر علماء العبرية الاستعانة باللغة العربية لكونها لغة سامية مثل العبرية حتى ألفوا ما يعرف بالعبرية الحديثة والتي صارت لغة التخاطب والتعليم لكل من يسكن دولة الصهاينة سواء كان من اليهود القادمين من مختلف أنحاء الدنيا، أو من العرب الذين يسمونهم عرب 48 ويتبعون لما يسمى دولة إسرائيل. أما العبرية التوراتية التي لا تصلح لاستخدامها في الحياة العامة لضياع كثير منها فلم يتخل عنها اليهود بل جعلوا تعليمها إلزامياً في المناهج المدرسية الإسرائيلية!